Thursday 10 February 2011

عندما كنا الحيوانات

حين كانت هذه الجغرافية نيئة .. ، كانت الخرائط في القارورة لم تسكب بعد ، وكنا وحيدين في هذا الفراغ مجرد يتيمين بأرواح تتوق للتسكع فقط ، البشرية التي خذلتنا سويةً ما يكفي ستين زمناً لمجرات متشظية في سماء غريبة ، كما يحلو لنا أن نتخيل قبل أن تنهي أنت زجاجة النبيذ هي ذاتها لا تتغير بشرية لا تنفع على الإطلاق ، ولا تتقن حتى اجترار آلامها الجمعية ، لذلك أرى أني أستعين بالحيوانات التي لطالما تبادلناها كشتائم غالية على القلب ..

لكن عندما كنا ..، كنت العصفور الملون الذي ينقر تفاصيل علاقاته العاطفية على أنفك دون اكتراث وتغفر له أنت السمكة باللون الواحد لا تحل بالماء أو التراب، وأنا عصفور عابث يسعد بالدود يتقلب بمرارة في بطنك الجميل، قصة الحيوان لماذا لم تفكر بها على هذا النحو ؟.. حسناً فهي حكاية تناسبك أكثر أنت رجل قذف إلى الثلج ليلاً و كذلك إمراءة حبست في الظل ،

حين تشبثت أنا بما تبقى من حشيش يابس كنت أشبه أي شيء أغتيل في الغابة ولم تسعه أكياس الصيادين ، بينما كنت أنت ،التيس الذي انتحر في العتمة ، لكن عدنا ثانيةً بعد أن حصد الجميع حقول المرارة بصمت ورحلوا بالخيبة ذاتها ، خرفان نلتف حول بعضنا بصوف الحنين تنتظر بأسى جزار الوقت فقط ، وهاهو جزار الخرفان الممتلئة بالذاكرة يدق باب حظيرة الحزن هذه ولا يرى أحداً ، كيف حدث أن يفقدنا الحزن هذه المرة ..لا أعلم ..

ثم رأيتك تتمشى في زمن استوائي حار جداً فجئت إليك سعدان مراهق افصفص على شعرك حكايتي مع غوريلا خارجة من كهف قريب ...، فكنت القرد الذي قلب المكان على رأسي وهذا بالضبط ما ضيع علي حكمة الأسد التي تدق بضراوة في قلبك ، فمن كانا في ذاك الزمن مثلنا؟! قرد يخلع الأقنعة كلها عن وجه أسد ، حينها كان علي أن أعلم ، أنك لست من لحم عشيرتي فوق شجرة الضباب ومجرد قر صغير يطمع بجنسية ملك الغاب ، سأتمهل أزمنة صحرواية حتى أعود إليك حمارة ناضجة تجرأ على سؤالك لماذا تحتاج إلى عرش انت تملكه سلفاً?! تحتاج إلى هذه السذاجة مع القهوة الني نحتسيها بهدوء غالباً ، تحتاج أن أقول أنت حبيبي ملك الغابات كلها ، ولا انتبه إلى الدموع التي وقعت على صحن فنجانك ...

، مع مواسم العنب كنا الأرانب التي شربت كثيراً من البيرة في جميع بارات الشام القديمة ، تنظر فلسفياً أقصد في حق ممارسة الجنس بإنتظام وكثرة وعن أسبقية الكثرة على الإنتظام ، ترى العكس ، أخالفك الرأي وهكذا .. فهل انتبهت أحواض العصر المرحة فارغة اليوم و تنتظر عنب هذه اللحظة ؟!...

ثم ها نحن ،نعود إلى بيوتنا البعيدة، مجرد أرانب تنسى أين وضعت ساعات اليد ، كما نسيت أن عليها الإنجاب الآن ..

في المكتب أشعلت أنت الضوء الخافت وبدأت تستمع إلى (شوبان) فعلاً حصان جدير بالسكينة يطرق بابه كلباً ركض دون توقف يحمل قلبه الأحمر القاني فوق سيقان عوجاء ويبكي أمامك بلا دموع ينبح إليك دون نباح لكنه يصمت فجأةً حين يراك تصفع الموسيقار الشهير ثم تفتح النافذة ..،

وهاهي روحي تنتشر من نافذتك قطيع كامل من العنز البري على سفوح الغيم يمضغ من سم الكينا الخطأ ليس إلا ..،

كما حمار لم يتمكن من السقوط لا تفعل شيئاً سوى أن تقف في منتصف الطريق هذه هي عادتك أيضاً، لكنك عدت أخيراً من زمن الطوفان فيلاً يمتلئ بتفاصيل السنجاب الذي ارتدى نظارات شمسية و هو يتحدث عن العمل والمغامرات الصغيرة تحت سقف المقهى الشعبي ، فيلاً خشي احد دبابيس العبث كما تفعل السناجب الخرقاء ، وذهب يبعثر مياه المفقودين وهو في غاية الوحدة..

من أجاب على هاتفك الشخصي ولم يحول لك المكالمة عمداً هي أنا القطة التي ذهبت تتلهى بكرات الأخرين تحت الأقدام الرسمية دون ان تكترث بجدول الشهر ومكالماتك الضرورية..،

لكنك كنت سنجاباً أيضاً في هذه المرة لما فتحت الباب قبل أن يقرع ، تتحدث بحماس عن قبعات طائرة فوق سريرك تنثر الحياة وزرق ذهبي صغير يبحر بك بعيداً ، حينها أصبحت الزرافة وأنا أقلب المجلات على طاولتك ..زرافة تفكر سراً بالبحار التي تلائم أكثر قارب مثلك صنع من الخريف ..،

اليوم أخرج رقبتي وأنا مرتاحة الضمير من مدن المكاتب الرسمية الرسائل القصيرة الرياء الإجتماعي وأوراق التعامل اليومي ، حتى أنتظرك في جغرافية لم تنضج بعد إلى حين زمن الشتاء القادم .. أنتظرك على هيئة أيل غريب عن المناخ يحمل إليك الألعاب التي حطمها أطفال مجانين من كل أنحاء العالم ...

ربما تجيء أنت على هيئة رجل المكعبات اليتيم ....

No comments:

Post a Comment