Thursday 10 February 2011

ليس المكان ثمة ما يصلح للحب

يست الأمكنة التي مررت بها ، هذا اللسان الممتد إليك وأنت تقف في الجهة المعاكسة تماماً ..، إسمنت في إسفلت ، أنت الوحيد الذي يحسبه عيون من أحببت تضحك وتذرف دمعة جراء نكاتك السخيفة ، أنت فقط من يحسبه شريط جوربها الشفاف حين هبطت وسط الزحمة بذاك الفستان القصير ، في أكثر أحياء دمشق تطرفاً .. يال الحماقة ، لا تشغلني في هذه اللحظة حماقة الفتاة التي إتصلت بك كل ليلة حين كنت في (دبي) كما تقول ، أضع الكأس من يدي على طرف الطاولة في البار القديم وأفكر إذا ماكان هذا المكان يصلح للحب ..،

هل كنتم تسهرون في هذا المكان حقاً ؟

نعم على الأغلب ..لماذا؟ بماذا تفكرين ؟..

المكان يصلح للحب بالرغم من اليأس العام هذا ما أفكر به حين تطرح هذا السؤال بشكل مفاجئ عادةً..، لو وضعت ستارة ذهبية هناك ،وسمكة خضراء في إناء على شكل حوت يبتسم ..هذا يتلائم مع الأرض التي فرشتها بالحب أبعد هذه الطاولات جانباً وضع المزيد من الوسائد الوثيرة ...، افتح حقيبة الخيبات الثقيلة وطلع طيف تلك الأنثى ، هكذا تنتقم مرة واحدة من خيبة واحدة في كأس واحد واحتمالات كثيرة للحلم ..، أنت الذي ستقضي ليلتك وحيداً على كرسي واحد في بار فرغ للتو من رواده ..

الإقتراحات التي لم أشاركه بها الصديق الذي يظن أنه فارس الحركة الرومانطيقية في أوروبا القرن التاسع عشر ينافسه وودز ورث في قصائد لا تقوى على الإطاحة بقلبه مهما حصل ..

هي ما تجعلني أفكر بممرات باب توما وأنا أغادر مسرعةً إلى البيت ..، الإقتراحات الفخمة هذه لا تناسبني وتلك الأزقة لا تصلح للحب كما هو شائع عن ماذا يتحدثون ؟ إنها الأزقة التي بكى فيها محي الدين بن عربي ربما وهو يبحث عن ناره الضائعة..

لا تصلح سوى لقول الحقيقة ..

السرير في غرفتي هو الحقيقة أيضاً والشاهد على دوامة الفودكا مع البيرة المكسيكي في رأسي ، أرغب بأن أبعث برسالة إلى احد ما .. سريري هو الحقيقة الخالدة )

ولا أفعل بالطبع ..، لكني أقطر شيئاً فشيئاً كما جدير بكحول صرف أن يفعل بالنهاية إلى داخل حلزونات الذاكرة حافة الرصيف بين الشجيرات أمام باص مليئ براقصات الباليه الصغيرات يتجهن إلى الدرس الأول ما يناسب تلك القبلة ..

كافتيريا رخيصة تجت الأرض ..، غرفة البوفيه بحجم متر ونصف لا أكثر ..، حديقة الطلائع تحت سماء رمادية تحتقن ولا تمطر رحمةً بكيس السندويتشات الساخنة

حديقة كلية طب الأسنان أراها اليوم السرير الأحمر حديقة خضراء ..أم سرير أحمر لا أعلم ؟!

غرفة الملابس في المسرح القومي .. حمام بيت أحد الأصدقاء



في الصباح أستعيد في ذهني بينما أتوجه مباشرةً إلى العمل ، مشهد الشاب الذي أعرفه يقف عكس الشارع يغمض عينيه ولا يتزحزح أبداً ثم تمر شاحنة يخرج منها عمال تصليح الطرق يغرسون بالقرب منه لافتة تقول : عذراً للإزعاج .. تحويلة طرقية ...

حسناً تستهويني هذه اللعبة الذهنية التي أخترعت أقصد التسلل إلى غرف نوم الذاكرة والعبث بأثاث الحنين بعض الشيء ..

غرفة الملابس في المسرح تخبرني أني أجمل من أزياء مسرحية (حكاية جيسون وميديا) ..كلها

الآن أنت من ترتدي تلك الفساتين الجميلة .. أنا أقف عند الباب أدخن سيجارة وهذه المسرحية بالذات ما سأنبشه من أرشيف التلفزيون حين يتسنى لي ذلك

الكافتيريا في البرامكة ..سنرتادها سويةً نجلس على أحدى الطاولات هذه المرة إيدينا فوق وواضحة وتظهر للعيان..

غرفة المكتبة في الجريدة التي أعمل بها تناسب أكثر ظهيرة قلقة أتمدد تحت رفوف الكتب أتأمل الأحذية العسلية جيئةً وذهاباً ....

لا ... لا .. هذا المكان لن يصلح للحب

حمام صديقك الرائع نظيف ومناشف الوجه على ما يرام .. لأني ما زلت أدردش مع أم الفتى

لكن ماذا لوقلبنا قوانين نيوتن بشأن السرعة والحركة كانت ستنسف تلك الغيبوبة بكل تأكيد وبمعادلة رياضية بسيطة كنت ستدخل أولاً إلى الغرفة بحجم عبوة الغاز المنزلي

والآن عالباً ما أقدم فنجان القهوة ذاك إلى نفسي كمكافأة ذاتية في سنوات العقاب الطويلة

الشاب الذي يعاكس الطرق يدير رأسه أخيراً .. إلى اليمين يجد فتاة ترتدي معطفاً أبيضاً وتمنح ظهرها لشجرة ..

ينظر إلى الشمال يرى عجوزاً يغطي عينيه بوشاح مهترئ أمام أربعة عشر بناية ..

بالطبع ليست الأمكنة .. وليست الأزمنة .. ربما هو الأسى

No comments:

Post a Comment