Tuesday 28 December 2010

رداً على مغالطات رئيس الحكومة الجزائري الأسبق رضا مالك حول قانون العربية*

*
بقلم الدكتور عثمان سعدي رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية
القدس العربي 16/12/2010


في حديث أدلى به لصحيفة الشروق الجزائرية في شهر سبتمبر الماضي، ذكر السيد رضا مالك "بأن الأروبيين احتجوا على المادة 29 من قانون تعميم إستعمال اللغة العربية، لأنه يمس الاتفاقيات المبرمة مع الدول الأجنبية". وهذا غير صحيح، فنص المادة المذكورة كما يلي: ("تعد الوثائق الرسمية المحررة بغير اللغة العربية باطلة، تتحمل الجهة التي اصدرتها أو صادقت عليها، مسؤولية النتائج المترتبة عليها”). هذه المادة لا تتعلق بالاتفاقيات المبرمة بين الدولة الجزائرية والدول الأجنبية، والمحررة من هذه الدول بلغاتها، وإنما تتعلق بالنص الفرنسي الذي تقدمه الدولة الجزائرية باسمها في إبرام اتفاقية مع دولة أجنبية.
وقد حدث بالفعل أن رفض وزير نمساوي التوقيع على النص الفرنسي لاتفاقية جزائرية نمساوية في وزارة الشؤون الخارجية، بحجة أنه غير دستوري، لأن دستور الجزائر ينص في مادته الثالثة على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجزائر. وتأجل التوقيع على الإتفاقية الجزائرية النمساوية 24 ساعة حيث ترجم النص الفرنسي للعربية، وساهمت في ترجمته سفارة النمسا بالجزائر. وكانت فضيحة كبرى للجزائر عندما لقنها وزير أوروبي درسا في ضرورة إحترام دستورها، والسفير الجزائري صالح بلقبي شاهد على هذه الحادثة الفضيحة، ويبدو أن الحكومة النمساوية نبهت وزراءها ألا يثيروا مستقبلا مع الجزائر المسألة اللغوية وأن يوقعوا الاتفاقيات بالفرنسية، لأن الجزائريين سفهاء لا يحترمون دستورهم. والشيء بالشيء يذكر ، فقد قرر سفير أندنوسيا الأسبق حميد العطّاس خريج الأزهر الشريف مراسلة الخارجية الجزائرية باللغة العربية، وأمر بأن ترسل المذكرة باللغة العربية، وكانت المفاجأة أن جاءه الرد من إدارة آسيا بوزارة الخارجية بالفرنسية طبعا كما يلي: "تلفت وزارة الشؤون الخارجية انتباه السفارة إلى أن اللغة التي كتبت بها مذكرتها المؤرخة في ... لا يكون لها جواب، وإذا أرادت السفارة أن يكون لمذكراتها جواب فما عليها إلا أن تكتبها بالفرنسية"، وقد طلب السفير المذكور من وزارته نقله، ونقل بالفعل إلى بلد عربي يحترم العربية (دولة الإيمارات).
شاركت الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية في تحرير مشروع القانون المذكور حيث حُررت المادة 29 منه لتوقف توقيع الاتفاقيات التي تمثل الدولة الجزائرية باللغة الفرنسية، وضرورة تحريرها بالعربية.
وقد سجل التاريخ أن الوفد الجزائري الذي كان رضا ملك عضوا به، والذي أبرم اتفاقيات إفيان التي أنهت الاستعمار الفرنسي بالجزائر، وقعها بنص واحد وهو النص الفرنسي الذي مثل الوفدين الجزائري والفرنسي، بينما وُقعت إتفاقية جنيف سنة 1954 التي انهت الإستعمار الفرنسي بالفيتنام بنصين النص الفيتنامي والنص الفرنسي.
اشار رضا مالك إلى تحرير رهائن السفارة الأمريكية في طهران، علما بأن هؤلاء حُرروا وفقاً لاتفاقية حملت إسم الجزائر، وقعت سنة 1981 بثلاثة نصوص: النص الفارسي ومثل الوفد الإيراني، والنص الإنجليزي ومثل الوفد الأمريكي، والنص الفرنسي ومثل الوفد الجزائري الوسيط برئاسة وزير الشؤون الخارجية محمد الصديق بن يحيى وبرهن أن لغة الجزائر هي الفرنسية. وأذكّر السيد رضا مالك بأن السيد بروشنيني مراسل صحيفة الفيغارو الفرنسية في نيويورك، عبر آنذاك عن سعادته لكون نص من النصوص الثلاثة حرر بالفرنسية، لهذه الإتفاقية الغريبة والهامة التي صارت تدرس في سائر معاهد القانون الدولي بالعالم . وأذكّر أنني أثرت هذه المخالفة السيادية باللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، بحضور بن يحيى الذي اعترف بهذه المخالفة وقال لي: لم انتبه لذلك، فقلت له: لا يُشك في وطنيتكم، لكن اللغة الفرنسية هي بمثابة المخدر لكم يجعلكم لا تنتبهون للمخالفة الوطنية.
ويعلم رضا مالك أن اتغافبة مماثلة ثلاثية اللغة حملت اسم باريس أبرمت سنة 1975 حيث أنهت العدوان الأمريكي على الفييتنام، أبرمت بثلاثة نصوص : النص الفييتنامي والنص الإنجليزي الذي مثل الوفد الأمريكي برئاسة كيسنجر والنص الفرنسي الذي مثل البلد الوسيط برئاسة جيسكار ديستان.
الخلاصة: إن السيد رضا مالك ينتمي إلى اللوبي الفرنكوفوني العدو للغة العربية الذي اجهض الثورة الجزائرية وجعلها تلد الدولة الفرنكوفونية الخالية من السيادة. وأن قانون تعميم إستعمال اللغة العربية يضع حداً لسطوة هذا اللوبي، ولهذا فقد تم تجميده ولازال مجمداً حتى الآن، منذ توقيعه من الرئيس الشاذلي بن جديد العروبي سنة 1991.

No comments:

Post a Comment