Tuesday 22 June 2010

Prof. Sabry Hafez's review of the e-Arabic symposium

كلمة

التنظير لفضاء الأنترنت


19/06/2010 10:45:05 ص

د‮. ‬صبرى حافظ



شاركت مؤخرا في مؤتمر مثير للاهتمام والتفكير في جامعة دارهام في شمال بريطانيا بعنوان‮ «‬اللغة العربية الأليكترونية والفضاء الافتراضي والأصوات المهمشة‮» ‬نظمته الباحثة الجامعية الجزائرية الدكتورة أنيسة الداودي مع الأكاديمة البريطانية ومركز الدراسات المتقدمة للعالم العربي‮. ‬واللغة العربية الاليكترونية‮ ‬eArabic‮ ‬وهو مجال تخصص أنيسة الداودي ومعقد اهتماماتها البحثية،‮ ‬مصطلح جديد بدأ يظهر في الكتابات الانجليزية التي تنظر للإنترنت بالنسبة لمختلف اللغات التي تتعامل معها،‮ ‬يفترض أن الفضاء الاليكتروني قد أثر علي اللغة العربية،‮ ‬وأدخل فيها مفردات وتراكيب جديدة،‮ ‬كما فعلت من قبله رسائل التليفون المحمول،‮ ‬تستدعي نحت مصطلح جديد يوصّف هذه الظاهرة،‮ ‬وإعداد الدراسات اللسانية المختلفة عنها،‮ ‬والكشف عن الجديد فيها من حيث النحو والتراكيب السياقية منها والتصورية‮. ‬وقد كشف لي المؤتمر الذي ذهبت إليه راغبا في الحديث عن تجربة مجلة‮ (‬الكلمة‮) ‬وسعيها الحثيث لجلب التقاليد الأدبية والفكرية العريقة للنشر الورقي في المجلات الأدبية المختلفة إلي ساحة الفضاء الافتراضي التي تعج بالفوضي والتخليط،‮ ‬وتحتاج إلي المزيد من الترشيد الترشيد الخاص بقيم الفكر وأدبية الكتابة وليس ذلك الذي يسعي لفرض المزيد من القيود الرقابية عليها كشف لي أن هناك مجالا معرفيا جديدا وثريا يحتاج منا إلي تأمله والتعرف علي ما يموج فيه من آراء وأفكار‮.‬
والواقع أن الاهتمام الجاد بما يدور في فضاء الانترنت يحظي باهتمام كبير من المؤسسة الجامعية الغربية،‮ ‬وبدأت الكثير من الدراسات الأكاديمية الجادة تتوالي في الصدور عنه،‮ ‬بينما لم يلتفت إليه بعد أحد في عالمنا العربي،‮ ‬أللهم إلا حفنة من الباحثين باجتهادات خاصة منهم،‮ ‬وليست بمبادرات بحثية مؤسسية كما هو الحال مع مشروع أنيسة الداودي البحثي‮. ‬فمستخدمي الأنترنت في العالم في تزايد مستمر‮. ‬فقد تجاوز عددهم المليار ونصف المليار من تعداد سكان العالم الذين بلغوا ستة مليارات وستة من عشرة،‮ ‬أي أنهم ربع سكان العالم‮. ‬كما أن معدل تزايدهم في العالم العربي،‮ ‬في تسارع مستمر‮. ‬فبعد أن كان عدد مستخدمي الانترنت في العالم العربي لايزيد عن المليونين ونصف المليون عام‮ ‬2000‮ ‬تجاوز عددهم في نهاية عام‮ ‬2009‮ ‬الخمسة وخمسين مليون،‮ ‬في عالم عربي يبلغ‮ ‬تعداده حوالي الثلاثمئة وستة وأربعين مليون‮. ‬وهو تعداد يقارب تعداد أمريكا الشمالية التي يبلغ‮ ‬تعداد مستخدمي الانترنت بها مئتين وستين مليون‮. ‬فنسبة مستخدمي الانترنت في أمريكا الشمالية هي‮ ‬76٪‮ ‬من السكان،‮ ‬بينما لاتتجاوز نسبتهم‮ ‬16٪‮ ‬في العالم العربي،‮ ‬ولكنه ارتفاع كبير إذا علمنا أن نسبتهم في العالم العربي نفسه قبل عشر سنوات لم تصل حتي إلي‮ ‬1٪‮.‬
صحيح أن هناك تفاوتا كبيرا في نسب مستخدمي الانترنت في عالمنا العربي،‮ ‬فبينما تصل النسبة إلي مستويات‮ ‬غربية مرتفعة في الإمارات‮ (‬61٪‮) ‬والبحرين‮ (‬55٪‮) ‬وقطر‮ (‬51٪‮)‬،‮ ‬وتحوم حول المستويات العالمثالثية المتقدمة بالنسبة للكويت‮ (‬37٪‮) ‬والمغرب وتونس‮(‬33٪‮) ‬والسعودية والأردن‮ (‬26٪‮) ‬ومصر ولبنان وفلسطين المحتلة،‮ ‬بدون الكيان الصهيوني‮ (‬22٪‮)‬،‮ ‬فلاتزال هناك بلدان عربية في الحضيض الانترنتي مثل ليبيا‮ (‬5٪‮) ‬وموريتانيا‮ (‬2٪‮) ‬والعراق واليمن‮ (‬1٪‮) ‬والصومال‮ (‬أقل من‮ ‬1٪‮). ‬ومع هذا فإن مستخدمي الانترنت يشكلون‮ ‬16٪‮ ‬من مجموع سكان عالمنا العربي،‮ ‬و3٪‮ ‬من مستخدمي الانترنت في العالم،‮ ‬وهذا ما يضع اللغة العربية في المكانة الثامنة من حيث الوجود علي الشبكة العنكبوتية،‮ ‬بعد الإنجليزية‮ (‬29٪‮) ‬والصينية‮ (‬22٪‮) ‬والأسبانية‮ (‬8٪‮) ‬واليابانية‮ (‬5٪‮) ‬والفرنسية‮ (‬4٪‮) ‬والبرتغالية‮ (‬4٪‮) ‬والألمانية‮ (‬4٪‮)‬،‮ ‬بعدها تجيء العربية‮ (‬3‮.‬3٪‮).‬
لهذا كله كان من الطبيعي أن يعقد،‮ ‬مؤتمر كبير للمدونين علي الإنترنت في أبوظبي‮ (‬8‮-‬9‮ ‬يونيو‮) ‬في اليومين السابقين علي يومي انعقاد مؤتمر جامعة دارهام‮ (‬10‮-‬11‮ ‬يونيو‮)‬،‮ ‬فانعقاد مؤتمرين أولهما في الخليج وثانيهما في بريطانيا،‮ ‬حول موضوع واحد،‮ ‬وهو استخدام الانترنت في العالم العربي،‮ ‬هو ما أثارني للكتابة عن الموضوع‮. ‬لكن الغريب أنه بينما يعقد مؤتمر دارهام برعاية مؤسسات بحثية وجامعية،‮ ‬فإن المؤتمر الخاص بالمدونين العرب عقد تحت رعاية كل من الجامعة العربية ومؤسسة أبوظبي للثقافة،‮ ‬وهما مؤسستان رسميتان‮. ‬فهل استيقظت المؤسسة الرسمية العربية الآن وأدركت أهمية الانترنت ومدونيها؟ أم أنها تريد استيعاب هذا النشاط الجديد واحتواءه،‮ ‬خاصة وأن به الكثير من الأفكار المعارضة؟ وهل بدأنا نعي أهمية دراسة ما يدور في هذا الفضاء الجديد؟ أم أنها عملية التوتر الدائمة بين النشاط الفردي المستقل،‮ ‬والمؤسسة التي اعتادت التحكم في كل شيء؟ للجواب علي هذه الأسئلة وغيرها علينا مواصلة الموضوع في الأسبوع القادم‮.‬

No comments:

Post a Comment